اذا كنت من المهتمين بالتنمية الذاتية فلربما سمعت كثيرا عن مصطلح حب الذات او صداقة الذات ,, و لربما قرأت ان ذلك بداية الخير و النجاح في الحياة
حب الذات هو ان تعرف انك كائن معزز مكرم فيك نفخة من روح الله سبحانه,, لم تخلق عبثا و لك دور يناسبك في الحياة ستسعى لفهمه و لفعله ,و هذا ينطبق عليك و على غيرك من إخوانك البشر ,, و لا يليق بك ان تضع نفسك في أسفل الأمور و إنما أن تسعى دوما للتطور و التحسن و اكتشاف ذاتك ,, تعيش باتزان و سعة في نفسك تسمح لك بحب اكثر للحياة و للآخرين
كثيرون لا يستطيعون حتى الجلوس في سلام مع ذواتهم لمدة 5 دقائق ,, ! يريد ان يشغل نفسه بأي شيء ولا يستطيع أن يتأمل في حاله و حياته و أن يصارح نفسه و يكتشف حقيقته و لا يريد ذلك ,, لربما يخاف من ان يعرف اي شيء عن ذاته !
هناك من ينظر لنفسه بصورة مثالية و كأنه الملاك من السماء ,,لا يقبل بأدنى نقد,,حتى من محبيه ,, فلربما ينفجر فيهم كأنه البركان و يعتبرهم خصوما, فهو يرى نفسه مقدسا فلا يلومها ولا يهذبها و يجد مبررا دوما لكل ما يفعله من صواب او خطأ ! و يظن ان الشمس اشرقت لأجله ! و على الجميع ان يعرف انه أروع و أفضل إنسان ! و أنه اقترب من مرتبة الأنبياء ! قد يخوض التجارب لا ليتعلم منها بل ليؤكد لنفسه وجهات نظره و سيجد دائما ذلك ! لربما انه محور الكون ؟! قد يكون نرجسيا أنانيا سيكوباتيا ,, الخ يحب ان يأخذ دائما ..طماع.. و إن أعطى تجده يتمنن بألف منة و منة ,, قد يسحق كل من يؤذيه و يعاديه ,, و ينتقم دوما و لا يسامح ابدا
هناك من ينظر لنفسه بدونية و كأنه الشيطان و أسوأ خلق الله ! فلا يسامح ذاته لأدنى خطأ و يستمر بتأنيبها دوما و بالتالي يستمر في دوامة من الأخطاء فيرى نفسه غير جدير بالحياة و لا يستحق شيئا بل لمَ لا يموت و يريح العباد و البلاد منه ؟ قلق و خائف اغلب الوقت و لا يخوض في الكثير من العلاقات و التجارب حتى لا يفتضح ضعفه ,, هو أناني لكن بشكل آخر ! قد يضحي كثيرا و يعطي كثيرا بدون ان يظهر لك انه يطلب المقابل و لكن بداخله يريد ان يجد لنفسه مركزا بين الناس بهذه التضحيات و العطاء و يريد ان تعرف ايضا انه متفضل عليك لكنه لن يقولها لك ,, قد يسحقه الحزن و الغضب ممن يؤذيه و يعاديه و مع ذلك هو قليل الحيلة و لا يستطيع الانتقام و لا يستطيع ان يسامح
كلاهما يكذبان على نفسيهما و يؤذيانها و يؤذيان الآخرين حولهما ,, كلاهما قد دسّ نفسه !
نأتي لمن أفلح و زكّى نفسه ♥ ,,
هو إنسان مدرك أنه إنسان ! ليس ملاكا و لا شيطانا, يعرف أن لديه الحق في الخطأ و الصواب, يراجع نفسه اذا اخطأ و لا يبرر الخطأ و بنفس الوقت لا يقسو على ذاته و يحطمها ,, يتعرف عليها و يعاملها كطفل يربيه بالحنان تارة و بالحزم تارة أخرى ,,
يعيد النظر في النقد الموجه له من (العقلاء ) لينتفع به, هو صادق مع ذاته يفكر في حقيقة دوافعه و أفكاره و مصادرها, يكتشف مميزاته و عيوبه, لا يخاف من معرفة نفسه حتى لو خاب أمله و انكسرت الصورة الوردية في عقله عنها, رأيه بنفسه أهم من رأي الآخرين به, متصالح مع عيوبه محاولا اصلاح ما يمكن اصلاحه, يقرأ يتعلم يطبق يعيش بحب و سلام و نوايا طيبة مع نفسه و مع الآخرين.
لا يخاف من التجربة و يجد في العلاقات و التجارب المختلفة فرصة لتقييم ذاته و اكتشافها اكثر و اكثر,,
متوازن بين الأخذ و العطاء ,, لا يستهلك نفسه من أجل الآخرين ولا يسمح لمن معه ان يستهلك نفسه من أجله ,,
يتعامل باحترام,, يقدر الفضل لأهل الفضل ,, يعطي بحب و لا يهتم ان ذكرت ذلك ام لم تذكره فهو يتعامل مع الله في لطفه بالناس ,, لا يطالب أحدا بشيء من التقدير او الاحترام ,و لذلك تجد التقدير و الاحترام و الاهتمام الايجابي يأتيه من كل حدب و صوب ,
متسامح و يعرف ان البشر فيهم الضعفاء الذين لم يستطيعوا التغلب على شرورهم ,, فيستعين بالله و يرد عن نفسه الأذى اذا اضطر لذلك ليس للانتقام و انما لايقاف العدوان و يسامح بداخله و يعذر و لا يعيش مشاعر الغضب او الحزن كثيرا و انما بشكل مؤقت فلا يستغرق فيها,,
اكتفي بهذا القدر ,,فالحديث يطول
أنوه أن للتربية دور كبير في تشكيل هذه الأنماط و لكن لا ينبغي ان نلقي اللوم على الماضي او الطفولة او التربية السيئة و انما ينبغي ان نتعلم و نفهم و نحاول التحسين قدر المستطاع بدون مثاليات فالفرصة متاحة حتى آخر يوم من حياتك
( قد افلح من زكاها و قد خاب من دساها )