اذا اردت ان تضع فكرة ما في عقل شخص فكل ما عليك فعله هو ان تحكي له قصة
فالقصة اقوى من اي كلام و من اي وعظ او حث او تشجيع و الهدف من حكاية القصة هو لانها الطريقة المثلى لايصال الفكرة او التاثير على الناس او حتى دفعهم للقيام بشئ ما
على الارجح ان اغلب القراء يتذكرون الجدة او تلك السيدة المسنة في منطقتهم او في العائلة و التي تجمع الاطفال حولها و تحكي لهم مجموعة من القصص المثيرة فتارة تعبث بخيالهم عن قصص الابطال المنتصرين على المخلوقات الخيالية و تارة تخيفهم من ذلك البعبع الذي يختبئ في مكان ما في الظلام و تعطيه تسمية بشعة لتزيد من حدة الخوف و تقنعهم انه ياكل الاطفال او يخطفهم الى مكان بعيد
و غالبا اي شخص بالغ مر بهذه التجربة و هو صغير و اصابه الرعب من الخيالات التي كانت ترافقه في الظلام بامكانه ان يصف بدقة كيف كان احساسه بالخوف و البعض قد يستحضر شعور الخوف و كانه طفل صغير مع انه كبر و فهم انه لا داعي للخوف
و بالرغم من ان المنطق يقول انه لا وجود لتلك الاشياء و لكن مع ذلك ستظل تتذكر ذلك الخوف فالخوف لا علاقة له بالمنطق
لكن لماذا يحدث ذلك ؟ لان القصة التي تحكى للانسان تدخل الى عقله الباطن و يبدأ العقل في رسم صورة على شكل فكرة و بما اننا لم نر هذا البعبع او نسمع صوته او نشتم رائحته فهذا يرسل رسالة اقوى بالحذر مما يعني خوف اكثر فنحن بطبيعتنا كبشر نخاف اكثر مما لا نعرفه و ما لم نميزه فما بالك بما لم نره و كل ما نعرفه عنه موجود في الخيال
تلك الجدة نجحت في نقل مشاعر الخوف للاطفال لكي تمنعهم من التحرك و الابتعاد بعيدا عن اعين الكبار و فعلت ذلك في شكل قصة فلو قالت هناك بعبع خلف الظلال فقد يصدق البعض و البعض قد يتجاهلها اما اذا حكت قصة طفل صغير لم يرض ان يسمع للكبار و قرر الذهاب خلف الظلال و هناك فجأة راى ذلك الوحش المخيف المسمى كذا و الذي يفعل كذا و كذا و و شكله كذا و كذا غالبا سيمتنعون جميعهم خوفا
عناصر القصة و طريقة سردها هي ما جعلت الاطفال يخافون و الخوف سيمنعهم من التفكير في مدى صحة القصة , النقطة الاهم هو انها اضافت قصة طفل اي انها ربطتهم بالقصة فالطفل قد يكون احدهم
فاذا اردت من شخص ان يفعل شيئا ما او يمتنع عنه فهذا الاسلوب لربط شخص في القصة و جعله يتخيل نفسه هو بطلها و يواجه احداثها و هنا تضع رسالتك في عقله و تجعله هو الضحية التالية في حالة لم يسمع التحذير هو طبعا ليس الاسلوب الامثل لحماية الطفل فالطفل الخائف ايضا يتعرض للخطر
لا شئ اقوى من الخيال بداخل العقل فهو تذكرة الوجود في العقل الباطن و برمجته ليجعل من هذا الخيال جزءا من واقع الانسان
مع مرور الزمن تفنن الناس في سرد القصص في عدة اشكال منها الاشاعات فاذا اردت ان تدمر صورة شخص ما او تحسنها فكل ما عليك فعله هو نشر قصص عن هذا الشخص و كم هو شخص جيد او سيئ و دع الناس يتناقلونها و الغريب انه من النادر جدا ان يقوم احدهم من التحقق من مدى صحة ما وصله و من المؤكد ان تلك القصة تتضخم في حجمها عندما تصل لاخر شخص في تلك التجمعات البشرية او المجتمع فيصبح صاحبنا ملاك طاهر او شيطان رجيم
القصص لها اشكال متعددة و تطورت من مجموعة قصص تسمع الى قصص تسمع و تحكى بالصوت و الصورة او تقرأ في كتاب او في صحيفة الصباح و لم يترك الفن و الاعلام و التلفزيون الراديو و الانترنت للخيال مساحة , حتى الاغنيات تحكي قصة ما
فالقصة هي افضل طريقة لتغيير الوعي الجمعي
ادركت حكومات او مسؤولي بعض الدول انهم من اجل ان ينهضوا ببلادهم يجب ان يحثوا الشعب على القيام بدورهم فالحكومة لا يمكنها ان تفعل كل شئ و من اجل ان يحدث ذلك فيجب ان تتغير افكار الشعوب نحو التغيير و التجدد و كيف يمكننا ان ننقل فكرة الى عقول اكبر شريحة من الناس في وقت قصير و بشكل مؤثر اذا لم نكن سنحكي قصة
يمكننا ان نغير من افكار الناس للافضل فاذا اردنا ان نقضي على ظاهرة معينة او فكرة مغلوطة بين الناس مثل ان حياة الرجل العادي في ذلك البلد ستكون حتما مليئة بالملل و الرتابة الى الفكرة العكس
فالقصة ستكون فيلم سينمائي عن موظف يعيش حياته اليومية في ملل و روتين و فجاة يتعرض الى حادث او موقف اليم و صادم يقلب حياته راسا على عقب و ربما يخسر الكثير لدرجة تجعله لا يبالي و تتوالى الاحداث و تظهر شخصية الرجل الحقيقية في كل مرة يواجه فيها تحديا مما يغير حياته للابد و لا تعود حياته القديمة منطقية بالنسبة اليه فيقرر ان يتخذ مسارا جديدا افضل و بواقع اجمل
و احيانا تكون القصص على شكل صدمة للمشاهدين انفسهم بالذات اذا كانت تحارب افكار سلبية مثل العنصرية و الكراهية و المواقف السلبية تجاه احداث ذلك البلد و القصص تاتي على شكل حملات لتغيير الوعي و جعل الناس جزءا من التغيير و التقدم
فتجد بلادا كانت تقبع في الفقر و البطالة و الياس و الامراض و الجوع قد اصبحت خلال عشرة سنوات بلد ذا اقتصاد قوي و فيه توفر الحكومات لشعوبها كل الخدمات و تسعى لتطويرها و بالمقابل يقوم الشعب بدوره باحترام القوانين و العمل بجهد لجعل عالمهم افضل لهم و لمن ياتي من بعدهم و يستمرون في استخدام القصص كاحدى الوسائل لمنع الفساد او الضرر على اناس و كاسلوب للتواصل فيما بينهم
يمكن للمسؤولين ان يقفوا في خطب طويلة و مملة عما يجب على الناس ان يقوموا به الى ان تحل تلك الازمة او يحصل تغيير ما و لكن ذلك لن يلقى اذانا صاغية اذا لم يكن مرتبطا بحياة المستمعين و يؤثر في مشاعرهم و يحرك افكارهم بشكل جيد
و بعض الحكومات او المسؤولين يستخدمون اسلوب القصة في شكل شائعة لكي يشغلوا الراي العام عما يفعلون لمصالحهم الخاصة و ما يحدث فعلا و يؤثر في حياة الجميع بدلا من ان يستخدموه في شحذ همة المواطن ليكون جزءا من الحل
و بعض الدول تظهر شخصياتها على انهم اشخاص عظماء يبنون دولة عظمى فيحدث ذلك في ارض الواقع
القصص التي يحكيها الاساتذة لطلبتهم ترافقهم و تصبح جزءا من شخصياتهم و يظلون يتذكرون ذلك الاستاذ المميز الذي ترك بصمة جيدة في حياته او ذلك الشخص السيئ الذي يود لو لم يكن استاذه
الاهل الذين يحكون قصتهم قبل النوم لاطفالهم و يخبرونهم كم هم شجعان و اذكياء و مبدعين او جبناء و اغبياء و ضعفاء
المحطات الاخبارية التي تبث الرعب و التوتر و الاكتئاب في نفوس الناس او تنشر الامل في قلوبهم باخبار جيدة كل يوم
الافلام و المسلسلات التي تجعل الناس يرتبطون بشخصيات ضعيفة شريرة او معتدية او مستسلمة او تجعلهم يرتبطون بشخصيات مؤثرة تعرف كيف تحدث التغيير من خلال القصة و الاحداث و كيف سيتصرفون عند مواجهة او مشكلة او تبث الامل في قلوبهم بانهم لو اتبعوا طريقا معينا فشئ رائع سوف يحدث لهم
المسؤول الذي يروج لنفسه في الحملات الانتخابية و ينشر صرة جيدة عن نفسه في شكل قصة سيرته الذاتية التي قد تكون حقيقية او زائفة
الاعلانات و الترويجات التي قد تبيعك الفائدة او السموم في صورة عائلة مبتسمة و سعيدة
الاغاني التي تحكي قصة الفراق و العذاب و الالم او الاغاني التي تحكي قصة الاقوياء و المبدعين و المرحين و التي تجعلك ترقص طربا
قصص الكراهيية و الحرب و الانتقام ام قصص الحب و السلام و التطوير و التغيير
نحن كمتلقين او كمستمعين يجب نكون واعين للقصص و ما تحمله من رسالات الى عقولنا هل هي تخدمنا و من حولنا ام هي مصممة لخدمة اشخاص معينين
هل نسمع بتسليم تام الى انها مجرد قصة ام نسمعها لكي نخرج منها بفائدة اننا نختار بوعي ما يجعلنا نفهم العالم اكثر
ما هي القصص التي اثرت على فكرة لديك و غيرتها تماما