قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 - 12 .
ما هو الاستغفار : هو إقرار العبد بربوبية الله على العبد واعتراف الشخص بذنبه امام الله و طلب محو سيئة هذا الذنب .
إذن نطلب محو عقاب او سيئة هذا الذنب .. أليس قبل طلب محوه علينا ان نمحوه قبل طلبنا من الله بمحوه ومغفرته في ما نستطيع أصلاحه ..
ينهمك الناس بعدادات الاستغفار و دون وعي بما يفعلون لتنظيف الذنوب .. فماذا يعني هذا التعداد ..لا أعلم ماذا يعتقدون عن الخالق ..بنفس الوقت يواصلون التعداد باجتهاد ومثابرة و لا يرون نتيجة لذلك الوعد الإلهي الوارد في الآية الكريمة السابقة وكالعادة لا يتفكر الناس أو يتسائلون مالذي يحدث و إن تسائلوا أجابوا بنفس الإجابة المعتادة ابتلاء من الله ..
لا يتفكر الناس عادة بأمور الدين لأنهم حقيقة يعيشون حالة من الرعب من خالقهم وكأن الله يتربص بهم عند الزلة ليضعهم بجهنم و هم لا يعلمون أنهم بها الآن أصلا ..فالعلاقات التي تبنى على الخوف علاقة هشة جاهزة للانقطاع عند اشتداد الأحوال والبلاء الذي صنعوه بجهلهم بالله ودينه .. و قد يصلوا نتيجة عدم تفكرهم الى الإلحاد المعلن ناهيك عن غير المعلن الذي يتمثل باليأس والهروب من كل ما يتعلق بالدين والخالق بينهم وبين أنفسهم ..فهم يدعون الله ولا يستجاب ..يشكرون و لا يزدادوا ..يستغفروا و لا يرزقوا الثراء والجنات والانهار ..
نعود للاستغفار ... لنكمل التساؤلات ماذا نرسل لله بتعداد الاستغفار ألف مرة في اليوم على ذلك العداد الذي يزيد من الامر سخرية .؟ ..ماذا يفعل هذا العد للذنب المفتعل ..؟ سواء كان مع النفس او الآخرين ..
المعادلة ببساطة هي المفاهيم المغلوطة عن الشكر وقد تحدثت عن باب منه سابقا في مقالة الشكر العملي للجسد لنعرف ان عبادة الشكر فعل وليس كلام ..كذلك الاستغفار عملي وليس قول فقط ..طبعا لا نلغي طلب الاستغفار باللفظ والشعور الصادق مع الله ابدا ..ولكن :
تخيل يجلس الناس في جلسات النميمة والقذف والشتم في خلق الله ..ثم يأتي بالصباح ليذكروا الله ويقرؤا دعاء سيد الاستغفار ..هل صححوا الأذى الذي لحق بجميع الناس الذين قذفوهم و أسائوا إليهم عند الآهرين وهم غير موجودين وما يترتب على تلك الجلسة من ضغائن و استصغار للطرف الغائب ..
هل عندما ينال شخص من آخر سواء في ماله أو سمعته أو قطع رزقه ..أو قذف إمراة أو أي عمل يسئ للآخر ليأتي ذلك المسئ بالعد ألف مرة ليغفر الله ذنبه الذي سيمتد وتتسع فيه دائرة الألم للشخص الذي أسيء إليه ..لينتهي كل ذلك ببساطة بعبارات تردد الاف المرات وكفى بل وينتظرون الرزق المدرار والجنات والأنهار بكل وقاحة واستخفاف ..فأنت تسخر من نفسك فعليا فقط ....
هل عندما تجرح إنسان بكلامك اللاذع وتقلل من شأنه ..هل ذهب ألم فلان بمئة مرة استغفار ..
هل عندما لا تصلي وتستغفر عن الصلاة .. ثم تستغفر هل تعتبر نفيسك مغفور الذنب ..
طبعاً لا .. في حقوق الناس وحقوق نفسك أنت تستغفر لفظا و تصحح فعلا ..
فالاستغفار هو العملية التصحيحية لتصرفاتك بالفعل قبل اللفظية في ما تستطيع اصلاحه وما لاتستطيع افعل شيئا حسنا عن من أسات إليه ..أي حاول محو فعلتك أولاً ليمحوها الله عنك كليا .. الاستغفار ممحاة الأفعال كما تمحي ممحاة القلم الكلمة الخطأ.. تمحي الكلمة الخطأ بمفكرتك بأمر أمح ..أم تمسك الممحاه و تنظف الخطا الكتابي ,,؟؟!! واضحة
استغفر أي اتبع السيئة الحسنة ..أحسن لمن أسأت إليه سواء شخص أو نفسك والاحسان لا يكون إلا بالفعل . فمن أكلت ماله عليك برد ماله و من تسببت بتشويه سمعته والنميمة عليه عليك بتصويب ذلك والمحاولة للتصحيح الفعلي لما قد أفسدته في حباة الآخرين فإن استطعت التصحيح فأنت استغفرت و رزقت وإن لم تحاول و أنت تستطيع و اكتفيت بكلمات غير صادقة أنت لم تستغفر ..من جرحته بكلامك اعتذر له وصحح خطأك ..إن لم تصلي حاول ان تصلي وتصحح ..
هل انت معي ؟ حسب ما يقوله كثر من الدعاة استغفر 10 الاف مرة في اليوم تصبح مليونير ..في هذا الوقت قد أصالح 10 ألاف شخص أخطات في حقهم وافعل اسم الله الغفور فعلا وليس عدا .. فيغفر الله لي و كفى ..
استغفر بالكلمات و بشعور الذنب في ما يخص حديثي الداخلي عن نفسي بظن سوء بها أو عن الآخرين بظنون سيئة بهم وبينك وبين نفسك فقط دون ان تعلن نعم تستغفر بالكلمات التي تشعر بها بطلب المغفرة من الله عدا ذلك وما ظهر من الخطأ تصحيحة و مغفرته بالفعل ...
هذا مفهوم الاستغفار ببساطة لكي ينفذ الله وعده لك .. شأنه شأن الذكر ..فلزوم الذكر في حياتك هو لوصلك مباشرة مع رقيبك الحقيقي وهو الله عزوجل ليكون لك رادعا عند الخطأ قدر المستطاع ..
فليس العيب في الدين والتعاليم ولكن العيب بالفهم والتطبيق ..
دمتم بخير ..
غادة حمد ...عيشها صح