تعال يا صديقي أخبرك شيئا مهما عن الحب، انه ليس سحرا ولا سرا عظيما بل هو أبسط من ذلك بكثير، انه أكسجين الحياة، بوجوده تنتعش الروح بداخل أجسادنا وتستكين أنفسنا تماما مثلما ينتعش الزرع بالماء.
الحب طاقة جميلة تحيط بنا في كل لحظة، غير أن الكثير من أفكار ومعتقدات المجتمع العربي خصوصا أبعدتنا عن حقيقته وصور لنا الحب على انه وحش وجرم ولا يجوز إلا في حدود ضيقة، كما يرتبط بالمصالح ... وتعدى ليصل مرحلة استنكار التعبير عنه بين الأزواج من الأهل تارة ومن المجتمع ككل تارة أخرى، فلا يحق للزوجين التعبير عنه أمام أفراد العائلة ولا حتى أبنائهم، وبهذا ينشأ جيل مبرمج على أن الحب لا يجوز بين الجنسين ويستغربون سبب انعدامه بين الإخوة والزملاء والأقارب هذا من جهة.
من جهة أخرى الكل يدعي الحب وكثيرا ما نلاحظ أنهم لا يحبون أنفسهم حتى، وهذه أهم نقطة.... لا تستطيع ويستحيل أن تحب غيرك وأنت لا تحب نفسك أو تحب الآخرين أكثر من حبك لذاتك، وهذا ما لاحظته كثيرا حين تقول فتاة أو شاب أنا أحب صديقي أو صديقتي أكثر من نفسي وزوجي أو زوجتي، ورغم أن الكل يسعى لإثبات ذلك، ولكنها مجرد تصرفات تقول "أنا أريدك أن تحبني" والدليل أن هذا الحب سيتوقف مع الوقت إن لم يقابل بمثله أو سيصبح كره وغضب دفين وعداوة، لا تستغرب صديقي حين أقول لك مؤكد انك لا تحب نفسك، أو ربما تقول أن حبك لذاتك أكثر من الآخرين فيه نوع من الكبر وهذا خطأ، تعال نفكر في هذه الأشياء البسيطة:
- هل تقوم كل صباح وتعد إفطارك لنفسك، أم أنك تخرج دون إفطار وتعتبر بضع الدقائق تلك خسارة؟
- هل تجد دائما مبررات لعدم اهتمامك بنفسك؟
- هل تركض لمساعدة أصدقائك وأفراد عائلتك وتقدم لهم يد العون وحين تكون محتاجا لها لا تقدمها لنفسك؟ (مؤكد هم أيضا لن تجدهم حين تحتاجهم)
- هل تفكر في صحة جسدك وتهتم بالرياضة ونوعية الأكل التي تتناولها أم انك تفعل ذلك مع أولادك وأحبتك فقط؟
- هل سبق ونظرت إلى جسدك في المرآة وهو عاري تماما لترى الأذى الذي ألحقته به من شدة إهمالك له أم انك تخجل أن تفعل ذلك؟ نصيحة جربها ولو لمرة في حياتك ستعرف حينها فقط ما يمر به جسدك وستدرك انك غالبا لا تحبه. (ثم تستغرب لما لا يمدح الزوج جسد زوجته أو تنفر المرأة من الجنس ككل، دون أن نتكلم عن الضعف والبرود الجنسي)
- هل سبق وطلبت السماح من نفسك على تقصيرك في حقها، في حق أكلك وشربك ولبسك وكل شيء؟ هل تتقبل ذاتك وتفكيرك وغضبك وغبائك في بعض الأحيان وأنك لست الأفضل دائما ولست الأجمل ولست الأبرع ولست ..... ولست ........؟
- هل سبق وغفرت لنفسك ذنوبها؟ قبل أن تطلب الغفران من الآخرين، ومن الله؟ أو حتى قبل أن تفكر في أن تغفر للآخرين؟ هل يهمك حب الآخرين لك؟ فكر مجددا إذا.... هل أنت تحب نفسك ليحبك الآخرون؟
لا يمكنك أن تطلب شيئا أنت لا تقدمه لذاتك لنفسك لروحك وجسدك، لا تنتظر أن تحصد الحب وأنت لا تزرعه كما لا تنتظر أن تحصده وأنت تزرعه في المكان الخطأ لأنه لن ينبت شيئا.
الحب بقدر عظمته لن تشعر به ما لم تقدمه لنفسك أولا كفكرة، ومشاعر واهتمام، كما أنه ليس بالشيء البعيد عن متناولك، لديك بداخلك مخزون من الحب بملأ كل أرجاء الكون، هو جوهرة تستقر بأعماقك تضيئك من الداخل وتنير كل عالمك فقط لو أنك تستشعرها وتلمسها.... وإياك أن تنتظر الحصول عليه من الخارج فهذا أكبر خطأ تقترفه، وقبل أن تحب الآخرين أحب نفسك كما لم تحب أحدا وكأنك الوحيد في الكون، ليس أنانية مطلقا ولكن لو حققت اكتفائك من الحب بنسبة 80% فان 20% الباقية ستزيد النسبة دائما دون أن يؤثر عليك نقصها.
الحب ثم الحب ثم الحب دون خوف ودون احتياج ولا مشاعر سلبية، فقط أحب لأنك تحب بدون أسباب منطقية.... ابدأ بحب ذاتك ثم اهلك وأقاربك وأشيائك وأعمالك وكل شيء خاص بك إلى الكون برمته وعندها فقط الكون سيضع كل المحبين لك في عالمك وتعم طاقة الحب الجميلة كل حياتك.
دمتم في حب وسلام.
# مقدم سارة