...

السعادة هي سبب تعاستك في الدنيا

»  السعادة هي سبب تعاستك في الدنيا
مدة القراءة: 5 دقائق

السعادة من منظور معظم البشر هي حالة النجاح والذي بدوره ينتج مشاعر غامرة بالفرح والمتعة وراحة البال المقرونة بمشاعر الطمئنينة والسلام. إختلف البشر في وضع معنى واضح للسعادة فهناك من إعتبر النجاح المادي مقياسا للسعادة وهناك من إعتبر النجاح العائلي مقياسا أفضل للسعادة وهناك من إعتقد أن السعادة تتكون من عوامل متعددة مشتركة فقليلا من المال وقليلا من الإستقرار العائلي وشيئا من السمعة الإجتماعية وربما منصب مرموق. على الجانب الآخر هناك من يعتقد أن السعادة شيء شبه مستحيل لا يمكن الوصول له مهما حرص الإنسان. في إعتقادي أن السعادة هي المصيدة التي وقع فيها أكثر البشر على مر العصور. من أجل السعادة إخترع الناس في مناطق مختلفة من العالم أنظمة إجتماعية متفاوتة في الصرامة جميعها تقود إلى شيء واحد وهو الجمود والتبلد في العمل والعطاء بينما تم رفع التوقعات من المشاعر. صار البشر يطاردون تلك المشاعر الواهمة كمشاعر الألفة بين أفراد العائلة ومشاعر الإنتماء للوطن أو لمجموعة دينية أو فكرية أو عقائدية. كلها أمور تخبرك بأن عليك البقاء والإستقرار وإستشعار النعمة التي تحيط بك.

هذا يدفع الإنسان للتعلق بمشاعره كثيرا والتي تنبع من فكرة أنك إذا حققت هذا الوضع ستصبح سعيدا. إذا حصلت على هذة الوظيفة ستتمكن من إعالة أسرتك وبالتالي ستصبح عائلة سعيدة يتبادل أفرادها الإبتسامات. البعض وضع السعادة في الزواج وصار ينفق الكثير من المشاعر في العلاقة بشريك حياته. هناك من تطرف في الوهم بحيث إعتبر الشقاء في الدنيا والعذاب فيها سببا للسعادة في الآخرة، أي أنه فقد الأمل في سعادة الدنيا فقرر نقل رصيده منها إلى الآخرة وهكذا يفكر معظم الفاشلين في الحياة. البعض توقف عن الحياة وإدعى أنه خالص لله وهذا راجع لعجزه عن بلوغ أي نجاح حقيقي في حياته وربما تحول إلى قتل الناس بإسم الإله الذي سيمنحه السعادة الأبدية في الآخرة. حالة الإستقرار التي يبحث عنها هؤلاء التعساء جعلتهم يتسابقون لبناء البيوت والقصور وتحويلها إلى مكب لجمع الممتلكات من أثاث وحلي وذهب وطعام وما إلى ذلك من مقتنيات تفقد قيمتها بمجرد ظهور ما يعكر مزاج مالكها. لو نظرنا بتمعن أكثر سنرى أن البشر متعلقين بمشاعرهم لا أكثر ولا أقل. يفعلون ما يفعلون من أجل الحصول على ذلك الشعور بالراحة والإطمئنان.

المشكلة تبدأ بالمشاعر وتنتهي بها وقد يقضي الإنسان حياتها برمتها في ملاحقة تلك المشاعر وغيرها دون فائدة، بل على العكس كلما تعقدت أموره وواجه المزيد من المشاكل بدأ يكتسب مشاعر أشد قسوة وأكثر عنفا وتطرفا ضد نفسه وضد الآخرين وحتى ضد الحياة إلى تتشوه نفسيته تماما فلا يبقى منه إلا حزمة مشوهة من المشاعر التي ترفعه قليلا وتهوي به كثيرا وكأنه في بحر متلاطم وهو أعجز من أن يجدف إلى بر الأمان. هكذا يصنع البشر أنظمتهم الإجتماعية بدافع تحسين المشاعر وإبعادها عن مصادر الألم وهذا ما يصنع كل تلك الأفكار والخرافات والإنحرافات الإجتماعية والثقافية المتصارعة فيما بينها. في مثل هذة الحالة يصعب تغليب العقل والمنطق وتصبح كل القرارات التي تبدو عقلية مجرد عملية عشوائية قد تصيب وفي معظم الأحيان تخيب. لقد فقد الناس عقولهم وصارت مشاعرهم هي التي تحركهم وكلما حاولوا العودة للعقل ثارت مشاعرهم فأرجعنهم للوراء أميال. هذا هو حال البشر الآن وسيبقى كذلك إلى أن يبدأ الناس بالعودة للعقل.

العاطفة هي أكبر مشكلة يواجهها البشر لأنها تفسد عليهم مشاعرهم. ماذا تقصد، اليست العاطفة هي المشاعر؟ لا يا صديقي. العاطفة شيء والمشاعر أو الشعور شيئ مختلف تماما. العاطفة هي عكس العقل، أي القرارات النابعة من إحساس معين كالإحساس بالظلم أو قلة القيمة أو الإهانة أو أي إحساس آخر ينتاب الإنسان مهما كان إيجابي أو سلبي. خذ على سبيل المثال الإحساس بالفرح هذا قد يجعلك تتسرع وتتخذ قرارات خاطئة غير منطقية وكذلك الإحساس بالظلم قد يجعلك تتخاذل أو تعادي إنسان بناء على إحساسك وليس الواقع. قس على ذلك كل علاقاتك الإجتماعية القريبة والبعيدة وسترى أن إحساسك يخونك في معظم الأحيان ولو بعد حين عندما يتبدل الناس من حولك لأسباب مختلفة. ولماذا يتبدل الناس؟ ممممم يبدو أنك لا تعلم أن الناس والظروف وكل شيء يتبدل مع مرور الزمان فالصغير يكبر والفقير الله يغنيه والغني يصبح محتاجا والصعب يصبح سهلا والسهل يصبح صعبا وتتبدل الأيام وأنت مازلت تتبع إحساسك القديم. لا يوجد عقل هنا.

وكيف أتعامل مع مشاعري؟ هذا جميل. مشاعرك إحتفظ بها وأنفقها بحرص شديد بعد أن يقرر العقل أنه الوقت المناسب للإستثمار في هذا الشعور أو ذاك. كل المشاعر مرهونة بالعقل. عندما يقرر العقل أنه وقت الحب تفتح أبواب قلبك على مصراعيها وعندما يقرر العقل أنه وقت الإحسان تحسن وعندما يقرر العقل أنه وقت الغضب تغضب وعندما يقرر العقل أنه وقت الرمانسية تصبح أكبر رومانسي في العالم. هل فهمت ما أعنيه؟ حسنا سأشرح لك أكثر. مشاعرك هي بضاعتك الثمينة التي تبيعها وتشتريها كما يفعل التاجر الحاذق. هل رأيت تاجرا يوزع بضاعته بالمجان؟ نحن جميعا نريد الحب والسعادة والإستقرار والرومانسية وقد نغضب وقد نشعر بالسوء من موقف لكن هذا لا يعني أن نوزع بضاعتنا بثمن بخس. يجب أن يكون العقل حاضرا طوال الوقت ليخبرنا عن الوقت والمقدار المناسب من المشاعر التي يجب علينا إخراجها وتوجيهها نحو حدث ما. إما هذا وإلا تصبح العملية فوضوية خسائرها أكبر من مردودها. إنها مشاعرك الثمينة التي إن أضعتها فسدت حياتك.

هذة من أصعب الأمور على النفس الغير مدربة. لا يستطيع معظم البشر التحكم بمشاعرهم لذلك لا يحصلون من الحياة على ما يريدون لأنهم ينفقون مشاعرهم ويبعثرونها في كل إتجاه على غير هدى. هذة الفكرة ليست للجميع لأن أكثر الناس سيخفقون في تطبيقها في حياتهم، لكن من تجربتي الطويلة إكتشفت أن كل شيء يدور حول التحكم في المشاعر وإظهار القدر المطلوب منها على حسب الموقف. تريد أن تنجح في حياتك عليك أن تتحكم في مشاعرك. تريد المال الوفير؟ تحكم في مشاعرك. تريد الحب والزواج؟ تحكم في مشاعرك. كل شيء في هذة الدنيا يدور حول المشاعر. نحن هنا نتحدث عن ضبط المشاعر قبل الحصول على ما تريد وليس بعده. كل ما تريده أنت بحاجة للمضي نحوه متجردا من مشاعرك تماما. فقط خطة عقلية واضحة بدون ربطها بمشاعر النجاح والفشل. إذا فشل الأمر كرر المحاولة وكأن شيئا لم يحدث وإذا نجح الأمر لا تفرح كثيرا ولكن تأكد أن النجاح ثابت وبعدها إسعد وإحتفل وإعمل ما بدى لك. هل لاحظت ما أعنيه؟ نستمتع بالمشاعر بعد تحقق الهدف يقينا.

ولكن هذا ممل، هل تقصد أن أكبت مشاعري حتى تتحقق أهدافي؟ لا تكبت مشاعرك بل أبعدها من آلية القرار حتى يحين وقتها. إفهم هذا. النجاح أمر عقلي بإمتياز لكنه ينتج مشاعر صافية بإمتياز. قبل النجاح كل المشاعر كاذبة وخادعة. فقط تلك المشاعر التي تأتي بعد النجاح هي ما نستحقه خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمال والماديات بشكل أساسي. لا يمكن أن تحصل على المال أو السلطة أو النفوذ بمشاعرك وإنما بعقلك وبعد أن تحصل عليه ويثبت عندك حينها يمكنك إظهار المشاعر والإستمتاع بكل ما يوفره المال لك. نفس الأمر ينطبق على الحب والزواج والعائلة والصداقة والعمل. كل هذة الأمور نصل إليها بالعقل ونعبر عن نجاحنا بالوصول إليها بالشعور. لا تضع الحمار خلف العربة وتتوقع أنه سيجرها. حمارك هنا هو عقلك، إجعله أولا ليتمكن من جر عربة سعادتك.

إذا فعلت هذا ستكتشف مدى سهولة الحياة وكيف أن معظم البشر قد ضلوا ضلالا بعيدا. هذا إسمه النضج وكلما إستثمرت في النضج كلما تطورت حياتك وإستمتعت بالسعادة وحصلت على الإستقرار الذي تطلبه نفسك. إحتفظ بهذا المقال للسنوات القادمة وعد إليه كل مرة تؤكد الحياة صحته. قد تحتاج إلى ثلاث أو خمس سنوات لتدرك المعنى لكن لا بأس، إبدأ الآن.

إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة

ما رأيك في الموضوع؟

التعليق والحوار

@peepso_user_5101(selma guira)
صحيح حتى امي كانت تعلمني نفس الشيء عندما تراني سعيدة قبل حصولي على الشيء تقولي لي على مهلك احصلي عليه وافرحي كما تريدين
الوعي الحالي يقول افرح وكأنك حاصل عليه يجيك
@peepso_user_5791(mohammed osama)
هذا المقال هو بالضبط ما كنت احتاج اليه، لكن عملية تحكيم العقل هذه مرهقة جدا، ودائما ما أغلبنا مشاعرنا
  • Weight loss product
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    السعادة هي سبب تعاستك في الدنيا

    مدة القراءة: 5 دقائق

    السعادة من منظور معظم البشر هي حالة النجاح والذي بدوره ينتج مشاعر غامرة بالفرح والمتعة وراحة البال المقرونة بمشاعر الطمئنينة والسلام. إختلف البشر في وضع معنى واضح للسعادة فهناك من إعتبر النجاح المادي مقياسا للسعادة وهناك من إعتبر النجاح العائلي مقياسا أفضل للسعادة وهناك من إعتقد أن السعادة تتكون من عوامل متعددة مشتركة فقليلا من المال وقليلا من الإستقرار العائلي وشيئا من السمعة الإجتماعية وربما منصب مرموق. على الجانب الآخر هناك من يعتقد أن السعادة شيء شبه مستحيل لا يمكن الوصول له مهما حرص الإنسان. في إعتقادي أن السعادة هي المصيدة التي وقع فيها أكثر البشر على مر العصور. من أجل السعادة إخترع الناس في مناطق مختلفة من العالم أنظمة إجتماعية متفاوتة في الصرامة جميعها تقود إلى شيء واحد وهو الجمود والتبلد في العمل والعطاء بينما تم رفع التوقعات من المشاعر. صار البشر يطاردون تلك المشاعر الواهمة كمشاعر الألفة بين أفراد العائلة ومشاعر الإنتماء للوطن أو لمجموعة دينية أو فكرية أو عقائدية. كلها أمور تخبرك بأن عليك البقاء والإستقرار وإستشعار النعمة التي تحيط بك.

    هذا يدفع الإنسان للتعلق بمشاعره كثيرا والتي تنبع من فكرة أنك إذا حققت هذا الوضع ستصبح سعيدا. إذا حصلت على هذة الوظيفة ستتمكن من إعالة أسرتك وبالتالي ستصبح عائلة سعيدة يتبادل أفرادها الإبتسامات. البعض وضع السعادة في الزواج وصار ينفق الكثير من المشاعر في العلاقة بشريك حياته. هناك من تطرف في الوهم بحيث إعتبر الشقاء في الدنيا والعذاب فيها سببا للسعادة في الآخرة، أي أنه فقد الأمل في سعادة الدنيا فقرر نقل رصيده منها إلى الآخرة وهكذا يفكر معظم الفاشلين في الحياة. البعض توقف عن الحياة وإدعى أنه خالص لله وهذا راجع لعجزه عن بلوغ أي نجاح حقيقي في حياته وربما تحول إلى قتل الناس بإسم الإله الذي سيمنحه السعادة الأبدية في الآخرة. حالة الإستقرار التي يبحث عنها هؤلاء التعساء جعلتهم يتسابقون لبناء البيوت والقصور وتحويلها إلى مكب لجمع الممتلكات من أثاث وحلي وذهب وطعام وما إلى ذلك من مقتنيات تفقد قيمتها بمجرد ظهور ما يعكر مزاج مالكها. لو نظرنا بتمعن أكثر سنرى أن البشر متعلقين بمشاعرهم لا أكثر ولا أقل. يفعلون ما يفعلون من أجل الحصول على ذلك الشعور بالراحة والإطمئنان.

    المشكلة تبدأ بالمشاعر وتنتهي بها وقد يقضي الإنسان حياتها برمتها في ملاحقة تلك المشاعر وغيرها دون فائدة، بل على العكس كلما تعقدت أموره وواجه المزيد من المشاكل بدأ يكتسب مشاعر أشد قسوة وأكثر عنفا وتطرفا ضد نفسه وضد الآخرين وحتى ضد الحياة إلى تتشوه نفسيته تماما فلا يبقى منه إلا حزمة مشوهة من المشاعر التي ترفعه قليلا وتهوي به كثيرا وكأنه في بحر متلاطم وهو أعجز من أن يجدف إلى بر الأمان. هكذا يصنع البشر أنظمتهم الإجتماعية بدافع تحسين المشاعر وإبعادها عن مصادر الألم وهذا ما يصنع كل تلك الأفكار والخرافات والإنحرافات الإجتماعية والثقافية المتصارعة فيما بينها. في مثل هذة الحالة يصعب تغليب العقل والمنطق وتصبح كل القرارات التي تبدو عقلية مجرد عملية عشوائية قد تصيب وفي معظم الأحيان تخيب. لقد فقد الناس عقولهم وصارت مشاعرهم هي التي تحركهم وكلما حاولوا العودة للعقل ثارت مشاعرهم فأرجعنهم للوراء أميال. هذا هو حال البشر الآن وسيبقى كذلك إلى أن يبدأ الناس بالعودة للعقل.

    العاطفة هي أكبر مشكلة يواجهها البشر لأنها تفسد عليهم مشاعرهم. ماذا تقصد، اليست العاطفة هي المشاعر؟ لا يا صديقي. العاطفة شيء والمشاعر أو الشعور شيئ مختلف تماما. العاطفة هي عكس العقل، أي القرارات النابعة من إحساس معين كالإحساس بالظلم أو قلة القيمة أو الإهانة أو أي إحساس آخر ينتاب الإنسان مهما كان إيجابي أو سلبي. خذ على سبيل المثال الإحساس بالفرح هذا قد يجعلك تتسرع وتتخذ قرارات خاطئة غير منطقية وكذلك الإحساس بالظلم قد يجعلك تتخاذل أو تعادي إنسان بناء على إحساسك وليس الواقع. قس على ذلك كل علاقاتك الإجتماعية القريبة والبعيدة وسترى أن إحساسك يخونك في معظم الأحيان ولو بعد حين عندما يتبدل الناس من حولك لأسباب مختلفة. ولماذا يتبدل الناس؟ ممممم يبدو أنك لا تعلم أن الناس والظروف وكل شيء يتبدل مع مرور الزمان فالصغير يكبر والفقير الله يغنيه والغني يصبح محتاجا والصعب يصبح سهلا والسهل يصبح صعبا وتتبدل الأيام وأنت مازلت تتبع إحساسك القديم. لا يوجد عقل هنا.

    وكيف أتعامل مع مشاعري؟ هذا جميل. مشاعرك إحتفظ بها وأنفقها بحرص شديد بعد أن يقرر العقل أنه الوقت المناسب للإستثمار في هذا الشعور أو ذاك. كل المشاعر مرهونة بالعقل. عندما يقرر العقل أنه وقت الحب تفتح أبواب قلبك على مصراعيها وعندما يقرر العقل أنه وقت الإحسان تحسن وعندما يقرر العقل أنه وقت الغضب تغضب وعندما يقرر العقل أنه وقت الرمانسية تصبح أكبر رومانسي في العالم. هل فهمت ما أعنيه؟ حسنا سأشرح لك أكثر. مشاعرك هي بضاعتك الثمينة التي تبيعها وتشتريها كما يفعل التاجر الحاذق. هل رأيت تاجرا يوزع بضاعته بالمجان؟ نحن جميعا نريد الحب والسعادة والإستقرار والرومانسية وقد نغضب وقد نشعر بالسوء من موقف لكن هذا لا يعني أن نوزع بضاعتنا بثمن بخس. يجب أن يكون العقل حاضرا طوال الوقت ليخبرنا عن الوقت والمقدار المناسب من المشاعر التي يجب علينا إخراجها وتوجيهها نحو حدث ما. إما هذا وإلا تصبح العملية فوضوية خسائرها أكبر من مردودها. إنها مشاعرك الثمينة التي إن أضعتها فسدت حياتك.

    هذة من أصعب الأمور على النفس الغير مدربة. لا يستطيع معظم البشر التحكم بمشاعرهم لذلك لا يحصلون من الحياة على ما يريدون لأنهم ينفقون مشاعرهم ويبعثرونها في كل إتجاه على غير هدى. هذة الفكرة ليست للجميع لأن أكثر الناس سيخفقون في تطبيقها في حياتهم، لكن من تجربتي الطويلة إكتشفت أن كل شيء يدور حول التحكم في المشاعر وإظهار القدر المطلوب منها على حسب الموقف. تريد أن تنجح في حياتك عليك أن تتحكم في مشاعرك. تريد المال الوفير؟ تحكم في مشاعرك. تريد الحب والزواج؟ تحكم في مشاعرك. كل شيء في هذة الدنيا يدور حول المشاعر. نحن هنا نتحدث عن ضبط المشاعر قبل الحصول على ما تريد وليس بعده. كل ما تريده أنت بحاجة للمضي نحوه متجردا من مشاعرك تماما. فقط خطة عقلية واضحة بدون ربطها بمشاعر النجاح والفشل. إذا فشل الأمر كرر المحاولة وكأن شيئا لم يحدث وإذا نجح الأمر لا تفرح كثيرا ولكن تأكد أن النجاح ثابت وبعدها إسعد وإحتفل وإعمل ما بدى لك. هل لاحظت ما أعنيه؟ نستمتع بالمشاعر بعد تحقق الهدف يقينا.

    ولكن هذا ممل، هل تقصد أن أكبت مشاعري حتى تتحقق أهدافي؟ لا تكبت مشاعرك بل أبعدها من آلية القرار حتى يحين وقتها. إفهم هذا. النجاح أمر عقلي بإمتياز لكنه ينتج مشاعر صافية بإمتياز. قبل النجاح كل المشاعر كاذبة وخادعة. فقط تلك المشاعر التي تأتي بعد النجاح هي ما نستحقه خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمال والماديات بشكل أساسي. لا يمكن أن تحصل على المال أو السلطة أو النفوذ بمشاعرك وإنما بعقلك وبعد أن تحصل عليه ويثبت عندك حينها يمكنك إظهار المشاعر والإستمتاع بكل ما يوفره المال لك. نفس الأمر ينطبق على الحب والزواج والعائلة والصداقة والعمل. كل هذة الأمور نصل إليها بالعقل ونعبر عن نجاحنا بالوصول إليها بالشعور. لا تضع الحمار خلف العربة وتتوقع أنه سيجرها. حمارك هنا هو عقلك، إجعله أولا ليتمكن من جر عربة سعادتك.

    إذا فعلت هذا ستكتشف مدى سهولة الحياة وكيف أن معظم البشر قد ضلوا ضلالا بعيدا. هذا إسمه النضج وكلما إستثمرت في النضج كلما تطورت حياتك وإستمتعت بالسعادة وحصلت على الإستقرار الذي تطلبه نفسك. إحتفظ بهذا المقال للسنوات القادمة وعد إليه كل مرة تؤكد الحياة صحته. قد تحتاج إلى ثلاث أو خمس سنوات لتدرك المعنى لكن لا بأس، إبدأ الآن.

    إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين