سأعلمك في هذا المقال نظرة جميلة و ربانية عن الزواج.
الزواج آية من آيات الله.
✔ يقول الله : "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يتفكرون"
فكل نفس خلقها الله و صوَّر لها أجسامها و بدأت رحلة الحياة على سطح الأرض، فالله خلق لها زوجها.
كل إنسان خلق له الله زوجا يُسكنه و يُحصنه، فنفوسنا تتوق إلى السكينة و الحماية، و جزء من هذه السكينة و هذه الحماية ستحققه عندما سيلاقيك الله بزوجك الحق.
لا تخف، فالله سيلاقيك بحبيبتك التي ستسكُن إليها.
لا تخافي، فالله سيلاقيك بحبيبك الذي سيحميك و يحصنك.
⁉سؤال ١ : كيف يلاقيني الله بزوجي؟
عليك بأمرين، الإيمان و الإستعفاف.
? الإيمان
✔ يقول الله : "وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"
عندما ستكون مؤمن، عندما ستكونين مؤمنة، أي عندما ستستمدون شعوركم بالأمان من الله و اليوم الآخر، فهنا سيصلي الله و الملائكة عليكم عن طريق خلق ظروف جديدة و مواتية تسهل لقاء المؤمن و المؤمنة مع بعض.
✔ يقول الله : "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"
فالإيمان أعظم إحساس في الوجود.
و هذا الإحساس هو المفتاح الأول و الأخير لتتحقق آية الزواج الحق الذي سيسكنك أيها الذكر و الذي سيحصنك أيتها الأنثى، و الذي سيجعل بينكم المودة و الرحمة.
?الإستعفاف
✔ يقول الله : "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"
الإستعفاف و هو عدم ذِكر الزواج بشكل مفرط يلهيك عن واجباتك.
فالزواج آية من آيات الله.
فلا ينفع أن تجعل هذه الآية تنسيك دورك اتجاه الآيات الأخرى.
فنفسك آية، اهتم بها.
و جسمك آية، اهتم به.
و كلماتك آية، اهتم بها.
و الناس من حولك آية، اهتم بهم.
و الأرض التي تضع عليها رجليك آية، اهتم بها.
و الممتلكات التي تمسكها بيدك و تستخدمها في حاجتك آية، اهتم بهم.
و الليل آية، استغل آية الليل في ذكر الله و زيادة علمك و سكينتك.
و النهار آية، استغل آية النهار في زيادة حركتك سعيا لإبتغاء فضل الله و زيادة اليسر في حياتك و حياة المخلوقات الأخرى.
فلا تدع آية الزواج تنسيك نفسك و جسمك و دورك.
فتركيزك على آية واحدة و اهمالك لآيات الله من حولك يفقدك الإستعفاف.
فاستعفف، أي تناغم مع حاضرك و كن صالحا و طور من نفسك و شخصيتك و سيجزيك الله بالأنثى التي ستعينك على زيادة الفضل و الخير في حياتك.
استعففي و سيجزيك الله بالرجل القوي الأمين الذي سيحميك و يحصنك من كل الشرور.
⁉سؤال ٢ : ما هي موانع الزواج الحق ؟
فعلين نفسيين يقوم بهم الإنسان يمنعان عنه الزواج الحق :
? الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء و غضب الله عليهم.
فدائرة السوء التي تحيط بك بسبب إسائة الظن بالله، ستمنع ظهور آية الزواج الحق في حياتك.
?الضالين القانطين من رحمة الله.
و القنوط من رحمة الله سببه الضلال.
✔ يقول الله: "وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ"
الضلال هو الإنغماس في ظروفك و شكلك و عمرك و نقص مالك و أفكار مجتمعك.
و بالتالي يصبح ذلك الضلال محطة لتقنط من رحمة الله، و منه ستُمنع عنك رحمة الزواج في حياتك الدنيوية.
فحاشا لله أن يخلق حاجتك لزواج و يمنع عنك ذلك.
فالله سيعطيك حتى ترضى.
الله سيعطيك زوجك الذي سيرضيك من جميع جوانبك الفكرية و الشعورية و الجسدية و الحياتية فلا تخف و آمن بالله و استعفف حتى يغنيك الله من فضله.
و أخيرا، آمن بأن هناك زوج لك كما تؤمن بيوم مماتك و بعثك الذي ستلاقي فيه الله عز و جل، فالله خلق هذا الكون بحكمة بالغة تسمح للأزواج المؤمنين و الصالحين بالتعرف على بعضهم البعض في الوقت المناسب.
+ رسالة إلى الذَّكر :
يا أيها الذَّكر، الله أعطاك جسما أقوى من جسم الأنثى، و قوتك هذه شاءها الله لك لتحمي إناث العالم، تحمي أمك و أختك و زوجك و ابنتك و بنات قومك، فكلما زادت قوتك و زاد حفاظك على أماناتك كلما زادت فرصك لتتعرف على زوجك الحق التي ستسكن إليها.
تذكَّر الأنثى تبحث عن الحماية، فلا تخرجها من أسرتها و أنت غير قادر على حمايتها من جميع جوانبها الفكرية و الشعورية و الحركية و الجسدية.
+ رسالة إلى الأنثى :
يا أيتها الأنثى، الذَّكر يبحث عن السكينة، فهو ليَبْنِي قوَّته و يُحصنك من كل مكروه وجب عليه أن يتحرك هنا و هناك و يواجه تحديات عظيمة في كل يوم من أيامه، فلا تكوني سبب في إفقاده هذا السكون مع أسرته و عمله و حركته، فحنانك و رحمتك و لطفك و جمالك و عفويتك و صدقك هم سر قوَّتِك المُسْكِنة لحركة زوجك.
أنتِ عبارة عن صورة مصغرة لحياة الرجل، و كلما طهرتي مرآتك الداخلية، كلما أعنتي الرجل على رؤية حقيقته و قوته من خلالك، فنفسيتك هي مرآة زوجك، فعلى قدر طهارتك على قدر القوة و الأمان الذي ستستقبليه من زوجك المؤمن و الصالح.
أنتِ كائن استقبالي أكثر من الذَّكر، فالأرض كلها تتحرك من تحت قدميك، و استقبالك مرهون بإخلاصك لله في كل فكرة و شعور، عندما تصبحين خالصة لله و تتطهرين داخليا من الدنيا و زينتها، فهنا سيبدأ الكون الذي خلقه الله لكِ و سخره لكِ يحميك من كل مكروه، و أكبر حماية ستحقيقينها هو أن يلاقيك الله بزوجك المؤمن و القوي و الصالح و الأمين.
و لكِ في حياة مريم عبرة، فمريم جسدت القوة الحق للأنثى، فهي لا تتدخل في صراعات مع قومها و محيطها، هي لم يعطيها الله مسؤولية تبليغ رسائله للبشرية، هي فقط كانت تتحرك و تركز على تطهير عالمها الداخلي من الشرك و الظنون و من زينة الحياة الدنيا.
و هذا الأمر كان يمكِّنها من تحقيق كل أنواع الخير في حياتها.
فرزقها كانت تستقبله بوفرة و بغير حساب و من حيث لا تحتسب.
✔ يقول الله : "فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"
فمريم "عليها الصلاة و السلام" جسدت القوة الحق للأنثى مما جعلها تصل إلى أعلى درجات الإستقبال في حياتها.
فمريم تمكنت بإخلاصها و طهارتها أن تستقبل إبنًا دون أن يمسسها بشر.
✔ يقول الله : "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا"
فركزي مع نفسيتك و ستدركين قوة الإستقبال الرباني في حياتك. و أحد الأمور التي ستستقبلينها الزوج الصالح و المؤمن الذي سيحميك من كل الشرور.
فزوجك المؤمن أعطاه الله القدرة على استشعار ما يجول في أعماق نفسيتك، و عندما يكون باطنك ممتلئ بالإيمان و الإخلاص و الجمال و الحنان و الرحمة و الصدق، فهنا سيزرع الله في قلب زوجك حُباً رهيباً اتجاهك، و هذا الحُب سيجعله يتحرك بكل قوة و تباث ليجعلكِ جزءا من حياته الطيبة.
كما يقولون وراء كل رجل عظيم إمرأة عظيمة، كوني عظيمة و سيظهر لكِ الرجل العظيم الذي يراكي أنتِ وحدكِ و لا يرى غيركِ.
---------------------------------------------------------
كتبه "أسامة حنف"