يعتقد بعض الناس أن العبادة هي عبارة عن صناعة يصنعها الإنسان على شكل قوالب، و كلما كانت هذه الصناعة ظاهرة فعندها أصبحنا فعلا عبادا لله.
هؤلاء الناس أخطؤوا خطأ كبير، فهم ظنوا أن الظاهر هو الذي يصنع العبد.
العبد صناعة باطنية بامتياز لدرجة أنه يختلط بين المجموع فلا تستطيع التمييز بينه و بين الآخرين.
هل تعلم من يعلم يقينا أنك عبد لله؟ الله و أنت، و بينك أنت و الله ليس هناك وسيط، و لا تحتاج لمن يرضى عنك، إن رضي الله عنك فهذا هو منتهى السعادة و الرضى.
في عصرنا الحالي العبادة غلبها الطابع الجماعي فأصبح الإنسان يحكم على عبادة الناس من خلال الظواهر، لهذا الذهاب إلى المسجد و لحية و حجاب و تأدية الصلوات الخمس، أصبحوا شعارا يتم به التمييز بين من يعبد الله و من لا يعبده.
و هذا الأمر هو أكبر مصيبة حصلت في عقول الناس.
الله ليس لحية، و ليس غطاء شعرك أو وجهك، و ليس كم مرة وضعت رأسك على الأرض، و ليس هل تذهب للمسجد أم لا.
الله هو الله، لا يقاس بالزمان و لا بالمكان و لا بالظواهر.
الله في القلب و هو الذي يعلمنا كل شيء و هو الذي يهدينا إلى كل شيء و هو الذي يرزقنا بكل شيء.
لهذا فمستحيل أن نتصنع عبادة الله، في الغالب الناس التي تتصنع هي فقط تريد أن تحرك عواطف الناس لكي تتسلّط عليهم و تضحك على عقولهم.
✔ يقول الله : "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ"
هذه الآيات تتحدث عن ظاهرة العابد المتصنع.
فهو مؤمن بالشكل كافر بالقلب.
مفسد بطبعه و جاهل بإفساده.
يرى نفسه هو المؤمن الوحيد و الناس التي تعيش على غير شاكلته فهي سفيهة و لا تفهم شيء.
هذا المقال هو تنبيه إلى وجود هذه الظاهرة في أغلب الدول العربية، فلا تسمحوا لهذا الأمر بخداعكم، ليس كل من يتحدث عن الله تتبعوه، الحديث عن الله حد من حدود الله، إن لم تكن قلوبنا خضعت لتجربة روحية صادقة مع الله، فالأحرى أن نتجنب الحديث في هذا الأمر، عندما نتعلّم كيف نجعل حياتنا الفكرية و الشعورية لله عز و جل، عندها سيسمح لنا الله بالكلام في دينه بشكل لا يفسد حياتنا و حياة الناس التي تستمع إلينا، فالله ينعم على المؤمن الخالص بالقول الثابت في الدنيا و الآخرة، كلما زاد هذا الإيمان الخالص كلما زاد القول الثابت و الفعل الثابت.