المجتمعات المنافقة هي المجتمعات الأكثر تشددا في تعاملاتها لأنها تعلم تماما ما يجري خلف الكواليس بعيدا عن مرأى ومسمع الجميع. هذة المجتمعات تعيش حالة من إنكار الواقع وإنكار الحقيقة لذلك نرى الناس تظهر عكس ما تبطن. في الظاهر هم أتقياء وصالحون ولكن في الداخل القصة مختلفة تماما. في الداخل العفن الفكري والأمراض النفسية التي تظهر على شكل تشدد وتصلب في الأفكار وظلم للمستضعفين. لا يوجد مستضعفين غير النساء بشكل عام وهذا ما يجعل كل المجتمعات المتشددة ذكورية. لا يوجد في العالم أجمع مجتمع متشدد إلا وهو مجتمع ذكوري، أي يحتقر المرأة.
لكن لماذا يحتقرون المرأة؟ هم يحتقرون المرأة لأنها تكشف ما يخفونه وتطيح بهيبتهم والكذب الذي كذبوه على الناس عندما إدعوا أنهم مطهرين. أوهموا بعضهم بعضا أنهم ملائكة وعندما فشلوا في تحقيق الملائكية، قالوا الخطأ في المرأة وعلينا حجبها عن الشمس وبالغوا في ذلك حتى صارت المرأة عار والرجل لا يعيبه إلا جيبه. فالرجل في تلك المجتمعات المنافقة لا يتأثر بأفعاله مهما كانت مشينة فقط لأنه رجل وعلى هذا الأساس طورت المجتمعات المنافقة نظام العار المرتبط بالمرأة فقط. قالوا يصنع الرجل ما يشاء مادام محافظا على النساء عنده فهو قد حقق الشرف. إذا الشرف في عرف المنافقين هو فروج نسائهم. هنا حيث يجتمع الشرف ويكتمل.
مع ذلك تبقى مشكلة.
إنها مشكلة الجنس، فمازال الرجال المنافقين يريدون ممارسة الجنس مع غير الشريفات من نفس مجتمعهم وبما أن الكل يريد أن يظهر بمظهر الشريف أصبح من الصعب الحصول على الجنس. هذا بدوره أدى إلى تدهور أخلاق الرجال لأنهم باتوا مضطرين إلى الإحتيال وإبتزاز النساء وخيانة بعضهم بعضا حتى بلغ أن المنافق يحتال على زوجة صديقه أو زوجة رجل آخر ليمارس معها هوايته المفضلة. فالذي توصلت إليه المجتمعات المنافقة أن الرجل الذي لا يحمي ممتلكاته من النساء هو رجل غير شريف فتم سجن المرأة إما سجن حقيقي أو سجن معنوي.
هل تنتهي المشاكل هنا؟
لا طبعا ولكنها تبدأ. حتى بعد أن سجن المنافقون بناتهم ونسائهم خافوا من إنتقام الله منهم في نسائهم. هم يعرفون أن الله سينتقم منهم بنفس الأسلوب الذي يمارسونه مع نساء المنافقين الآخرين وهذا بدوره طور لديهم شعورا بالخوف والشك. صاروا يشكون في نسائهم في بيوتهم ويعتبرونهن عاهرات داعرات لا يؤمن جانبهن، وعليه فإن نظرة المنافق للمرأة لم تتغير فهي عاهرة لا يؤمن جانبها على غرار زوجة جاره التي أطاح بها أو أخت صديقه التي ضاجعها.
الخوف المتفشي في قلوب المنافقين كبير بحيث أوصلهم إلى الكفر بالله أو على الأقل الإتيان بأعمال الكافرين.
قال الله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ .. الآية ﴾
هم لا يختلفون عن أهل القرية التي كانت حاضرة البحر. عندما أمرهم نبيهم أن لا يصيدون يوم السبت، صاروا يحجزون السمك يوم السبت ويصيدونه في اليوم التالي في محاولة لخداع الله والله خادعهم. هذا تماما ما يحدث في المجتمعات المنافقة عندما قالت لن يستطيع الله الإنتقام منا لأننا سنحجز نسائنا بعيدا عن المنافقين الآخرين وبهذة الطريقة سنتمكن من نسائهم ولن يتمكن الله منا. لقد غرهم الشيطان وأوهمهم أنهم قادرين على خداع الله وخداع الناس دون أن يصيبهم أذى. حلولهم تدور حول قمع المرأة فقط وخداع الله. الآن هل عرفنا لماذا لا يعيب الرجل إلا جيبه؟ أتمنى ذلك.