نحن نعيش في نظام حيث عليك ان تذهب للمدرسة و تتخرج من الجامعة تحصل على عمل تتزوج تنجب تتقاعد ثم بعد بضعة سنين تنتظر الموت
محزن أليس كذلك
و الأكثر جنونا أنه نظام لا يعمل الا في صالح قلة من البشر و يظلم الكثيرين و مع ذلك أغلبية البشر يعيشون تحت هذه البرمجة و يعانون من حياة مرهقة متعبة أو مملة و لا معنى أو هدف لها فقط يتبعون الخطوات و يسدون الحاجات اليومية بدون إدراك لمضي الوقت
المدرسة تقوم بوضعك في قالب محدد حيث عليك ان تتبع مناهج محددة و تحفظها و تطبقها و يتم مكافئتك على انك التلميذ المطيع و من يخرج عنها فهو شقي أو فاشل و لا يهم إذا ما كنت تمل أو لا تحب تلك المواد
ثم تذهب الى الجامعة لتجمع أكبر عدد من النقاط و من لا يفعل او يترك فهو يعتبر فاشل و لا مكان له في عالم الوظائف التقليدية
ثم تبحث عن عمل فيه عليك ان تكون مطيعا أمام مدرائك حتى تستمر في عملك و إذا أحببت أن تضيف فكرة جديدة و كان المسؤول متعنتا و ليس لديه رؤية متقدمة فأنت أيضا فاشل
تجد الجميع في صفوف ، صف من المقاعد الدراسية ، صف من المكاتب المتراصة ، صف في الكراسي في البنك بانتظار المرتب و صفوف متجانبة في الاجتماعات
إلا يشبه ذلك المصنع ؟
كل ما يطابق المعايير فهو منتج صالح للإستخدام و كل ما يتخلف عن المعايير يخرج من سير الإنتاج و يعتبر غير صالح للإستخدام أو يعاد ادخاله في عملية الإنتاج من جديد بمعنى آخر ياعاد تاهيلك
و إذا رأيناها بمنظور آخر انت مبرمج لتعمل بقيم المصنع
فإذا أنت لا تشبه بقية المنتجات فأنت غير صالح لتخرج لهذا المجتمع أو تكون جزءا منه
ما المشكلة في ذلك ؟ لا شئ إذا كنت سعيدا بما تقوم به و إذا كان كل شئ يعمل لصالحك فهنيئا لك ، لكن ماذا إذا كان كل ذلك يجعل أحدهم تعيسا
أغلب من يمشي في هذا المسار يعمل أكثر مما يجني و يقضي وقتا أقل في فعل ما يحب و قد يمضي وقتا أقل مع من يحب و كل الأشياء التي تعطي للحياة معناها
إن تعمل ما تحب و تجعل منه مصدر دخل يغنيك عن العمل الشاق أو أن يكون العمل الشاق ليس شاقا فعلا لأنك تستمتع بكل لحظة فيه هو من أجمل الأشياء ، أيضا علاقاتنا الإنسانية التي تضيف للحياة حسا بالمعنى و الهدف أن لم نعطها حقها و بذلنا فيها من وقتنا فهذا يجعلنا تعساء
و معظمنا يشعر بداخله ان هناك خطب ما أو شئ آخر علي فعله و لكنني خائف ماذا إذا حدث هذا او ذاك
و لكنهم لا يدركون أن الخوف من فقدان القليل يحرم من الكثير
فيستمرون بالقليل دون إدراك منهم لما يخسرون
و كيف لك أن تدرك مدى الخسارة و انت لم تجرب شيئا مختلفا
الذين أخرجوا أنفسهم من قيم المصنع و اختاروا طريقهم الخاص هم الذين استطاعوا اكتشاف مواهبهم و ما يحبون و بدأوا بالبحث عن الطرق المبتكرة لإيجاد مصادر دخل مستقلة حيث لا ينتظرون أول الشهر للحصول على المال بل يقومون بما يدر عليهم المال بأقل مجهود ممكن
و تلك الطرق المبتكرة كانت تحتاج لعقل ينتجها و ما كان للعقل أن ينتج تلك الافكار المبتكرة و هو في حالة من الخوف و القلق عما إذا كانت درجاتي مناسبة لدخول الطب أو ما إذا كان المدير سيطردنا من العمل أو ماذا بإمكاني فعله لأحصل على علاوة أو كيف سادفع فاتورة المياه
أنا لست ضد الطب و لا العمل و لا العلاوات و بالتأكيد عليك ان تدفع الفواتير لكن ماذا لو كانت تلك الأعمال تمتص روحك و تصيبها بالذبول
الإبداع لا يظهر تحت قيم المصنع ، و هو لا يظهر للمبرمجين و لا للخائفين و هو بالتأكيد لا يظهر لمن يبحث عن القليل
يتحدث الجميع عن اليابان و كيف أنها بلد متقدم يحمل كل جوانب الإبداع والتقدم و الحضارة ، صحيح أنه بلد متحضر و منظم و جميل و أنا من المعجبين و لكنه على الجانب الآخر بلد مهووس بالنظام و بالسيطرة و قيم المصنع التي أتحدث عنها (بحثت في ذلك بعيدا عن البروباجندا) و إذا سألت اغلب من يعيشون فيها ستجدهم جميعا يخبرونك أن الإبداع لا يتم تشجيعه خصوصا إذا خرج عن النظام المحدد و هذه طبيعة الإبداع يخرج من حدود العادي ليبهر العاديين و يلهمهم للقيام بشئ مختلف و المختلف مرفوض تماما
الناس يهلعون إذا تاخروا أو لم يقوموا بعملهم كما يجب و قد يقع أحدهم ميتا من كثرة العمل الكل منتج و لا أحد سعيد
إذن من أين تأتي كل الانمي الجميلة التي استمتعنا بها على مدى سنين طويلة و ثقافة الcosplay حيث بإمكانك أن تتنكر بالزي الذي تريد و تمشي به في الشارع من أين أتى هؤلاء إذن؟
كل الفنانين و المبدعين و الذين قدموا أعمالا مختلفة للعالم هم أشخاص تمردوا على النظام السائد و اتبعوا شغفهم و تصرفوا وفقا لما تمليه عليه فطرتهم و لو أنهم رضوا بالحياة على نفس النمط الممل لما كانوا انتجوا أعمالا متميزة
هذا كان مجرد مثال ، نفس الفكرة تنطبق على كل الناس
ماذا تريد أن تكون و ماذا تريد أن تفعل
لا بأس إذا كنت لا تعرف ماذا تريد أن تفعل لأنه ما زالت امامك الفرصة لاكتشاف ذلك المهم أن لا تكون منقادا لما يفرضه عليك الناس من قيم المصنع و أن لا تكون ترسا في آلة لا ترحم
لا أحد يقوم بشئ مجبرا عليه فأنت لست مجبرا على دراسة ما تكره أو القيام بعمل يسبب لك الأمراض النفسية ، هناك من يختار و انت بإمكانك أن تختار ان تبقى على المسار أو تخرج منه و في كل الاحوال ستتحمل النتائج
المهم أن لا تكون النتائج ضدك
أسأل نفسك ماذا تريد و خصص له خمس دقائق من وقتك يوميا ، سيمر عليك وقت ستجد أن ما تحب قد طغى على حياتك أكثر من محاولاتك لإدخال ما تحب في الروتين القاتل
ورويدا رويدا سيساعدك الكون على تحقيق ما تريد لأنك اتبعت فطرتك و عملت بها
لا يوجد اتعس من شخص يجلس على موهبته التي دفنها تحت الضغوط منشغلا بما يكره بعيدا عما و عمن يحب ، تحرر من ضغوطك قم بالخطوات الجنونية غامر و أتبع حدسك أخرج من منطقة الراحة و تغلب على خوفك ، أضمن لك انك سترى عالما آخر
اقفز