من اهم درجات الوعي الإنساني هو مراقبة الذات... ما يساعدك عزيزي القاريء بشكل هائل على نجاحك فى ذلك هو إحاطة نفسك بأناس ايجابيين متفائلين إنه يمنحك القدرة على الشعور بما في نفسك والوعي بذاتك....على النقيض من ذلك
العيش فى مجتمع سلبي والتعامل مع اناس
سلبيين ستؤدي بك حتماً الى ان ترى نفسك من خلال أعينهم وليس من خلال عينيك...
لا شك أن رأيهم لن يكون دقيقاً وسليماًً او مبنياً على حقيقة ومعرفة بالإضافة الى ان حكمهم غالباً لن يكون فى صالحك او مفيد لك...مما يبعدك كل البعد عن الإدراك والوعي بذاتك.
الواقع ان عالم المعلومات المتاحة و الاتصالات عبر صفحات النت والمدونات في هذا العصر لن يسهل عليك الأمر أثناء محاولة التوقف عن مراقبة الخارج..على رأسهم ..الناس والتوجه نحو مراقبة وفحص الداخل وهي الذات.
ليس بسيطاً ولكنه ممكن ..كيف يمكن إيقاف هذا النهر الجارف من العلاقات اليومية المتحكمة في درجة الوعي !!
ليس من قبيل المبالغة انها تجبرك على مراقبة كل ما يجري من حولك... تشغلك بما يقوله و يفعله الناس وعدم التخلي عن الملاحظة والمراقبة لما يجري وتلهيك بكل تأكيد عن الوعي بذاتك ...مراقبة الناس عوضاً عن مراقبة ذاتك ستجرفك نحو الإصابة بالهم والكدر ..كما يقول المثل المعروف من راقب الناس مات هماً عليك ان تعلم ان مراقبتهم تحيد بك شوطا بعيدا عن الطريق المؤدي للرقي بنفسك والنهوض من غفلتك وتمنعك عن محاولة الصعود درجة مهمة على سلم الوعي.
أدعوك الى ان تنطلق إلى عالم الوعي من خلال ان ترفع من مستوى وعيك و تراقب ذاتك بحيث تتمكن من الغوص فى أعماقها وتنجو بها من الغرق فى قاع المحيط المليء بغياهب الظلمة وتضعك على بر الأمان.
الشخص الواعي بذاته و كيانه يكون فى حالة إدراك وانتباه لكل فكرة تولد شعور وبالتالى تؤدي لسلوك او تصرف يعرف كيفية التحكم به في أحيان كثيرة... اما الغائب عن ذلك فهو يعيش في حالة غفلة كاملة او جزئية عن أفكاره وشعوره وسلوكه الذي يبعده مسافات طويلة عن طريق السلام والحكمة.
لا شك ان مراقبة الذات ليست المشاهدة لما يدور حولك بأية حال بل هي مراقبة باطن الذات وما تحويه من مشاعر داخلية وأفكار متلاحقة وعادات يومية....النتيجة الاكثر اهمية هو مقدرتك على إعادة توجيه الرادار من الآخر إلى وجهة جديدة هي ...ذاتك فى حال لعبت دور المراقب الواعي..
يطرح سؤال آخر نفسه ..كيف أراقب نفسي بشكل منفصل؟
المراقبة تكون من الخارج وكأنك تجلس فى دور السينما وتشاهد فيلماً سينمائيا ..انت الممثل الذي يقوم بالدور الرئيسي ويتفاعل مع الآخرين ..ببساطة انت تراقب بدون التدخل فى مجرى الأحداث وفي نفس الوقت تؤدي دورك بالكامل داخلها..كأنك تملك عين منفصلة تراقب الحدث....هنا تظهر القوة الذاتية وقوة الوعي بالذات..معظم الناس تكون متصلة بالواقع والأحداث ومتفاعلة كلياً بالأفكار والمشاعر والسلوك ولا تستطيع الإفلات و المراقبة لإنغماسها فى الداخل وتصبح جزء لا يتجزأ منه ومنشغلة بالامر تماماً ...إنها لا تتمكن بأي حال من الخروج او الإنفصال.
يطرح سؤال آخر نفسه ما الجدوى من حالة الإنفصال أثناء المراقبة؟ من المؤكد انها ستسمح بإدراك ومعرفة الذات بشكل اكثر وضوحاً..المعرفة تسمح بالتقييم والفهم والتعديل وهي في غاية الاهمية.. انها ادوات لتصحيح الأفكار والتحرر من المشاعر وتعديل السلوك..ومن ثم محاولة التحسين والتطوير كهدف أساسي وحيوي.
المراقبة تقودك إلى القبول فى المقام الأول ثم معرفة العيوب وتصحيحها بالتدريج وفي نهاية الأمر تكون النتيجة المبتغاة هي التطهير وتعديل النفس .
من حسن الحظ ان مراقبة الذات تمنحك في البداية القدرة على تجاوز المصاعب والبحث عن الحلول واتخاد قرارات صحيحة للتدرب على الإختيار الواعي.
مراقبة الذات تصل بك ايضاً للإنسجام والتوازن بين الداخل والخارج .
حتماً إن المراقبة ستجعل من مهمتك سهلة في مسيرتك نحو مرحلة الاستنارة ومعرفة الله ...
عزيزي القاريء لا تكن آلة يتم برمجتها والتحكم بها...اعمل بكل جهد على إزالتها من عقلك .
مراقبة الناس هي مراقبة ظاهرية تحدث بسبب برمجة قديمة ..اما مراقبة الذات هي قدرة باطنية تحدث بشكل تلقائي بسبب إزدياد فى درجة الوعي بالذات.
إستعن ببصيرتك ..عد إلى طبيعتك وفطرتك الاولى لتطهر روحك وتسمو عن طريق زيادة وعيك و مراقبة ذاتك.