الضرة الحديثة

»  الضرة الحديثة
مدة القراءة: 2 دقائق

يستيقظ صباحا يمسكها بين يديه ثم يبتسم لها تارة ينظر إليها بإندهاش برهة يضحك لها من قلبه تارة اخرى..ينصت لها بكل حواسه حتى لو كان مبتعداً عنها...ينظر إليها بعينين مليئة بالفضول والإثارة...لا يستطيع الاستغناء عنها الا للحظات..ترافقه في حله وترحاله..أجمل الاوقات يقضيها معها.. عندما تكون بين يديه ينشغل بها عن العالم ..يترك أولاده ويلعب معها..حاولت ان انافسها واثير اهتمامه ..اسير امامه وانا في كامل أناقتي ولكنه لا يلتفت إلي او حتى يلاحظ وجودي ..عندما يكون معها..يصبحان شخصا واحدا..يهيم معها في عالم منفصل وخفي .
كلمات زوجة تسرد شعورها نحو جهاز الموبايل..ضرتها الحديثة كما تسميها.

اصبحت اغار منها واود لو تقع بين يدي لأعرف ماذا يخفي داخلها من أسرار وخبايا.. بث في نظره مملة كئيبة بعد إقتنائه لضرتي..واحياناً مثيرة للشفقة..
تغير العالم بعد إنتشار أجهزة الهاتف الذكية..حشر العالم داخل صندوق صغير..به كل أصدقائك..اسرارك..صورك..ملفاتك...اخبار الدنيا...كل ما يجول بداخلك ..علاقتك بكل شيء داخل هذه الآلة الصغيرة..اذا فقدتها تفقد بضعة منك..اذا اطفئتها تشعر بأنك انعزلت عن العالم وتم نفيك إلى جزيرة نائية....باث صندوق الدنيا بين يديك

ما هو سر هذه الآلة...والارتباط الشديد بها...لعله الاحساس بالمتعة..ربما هروب من الواقع إلى واقع بديل يستطيع المرء أن يصنعه بنفسه حيث يفتح حساب شخصي ويتواصل فيه بكل حرية..فيرسم شخصية ساحرة جذابة تثير اعجاب المتابعين واستحسانهم ربما تكون مغايرة لشخصيته الواقعية لكن تأثير هذه الشخصية الجديدة يشعره بالرضا والسعادة فيرتبط بها ويحاول اظهار أجمل ما فيها..هو يتلذذ بإظهار هذه اللوحة الجميلة في مخيلته عن نفسه لعلها تطابق الصورة التى يتمنى أن يكون عليها في هذا العالم..انه يستطيع أن يضع أفكاره ومعتقداته وما يجول بعقله دون أن يتعرض للمواجهة او الخوف من ردود الأفعال.. لأن لديه وسائل التحكم في إقصاء من يخالفه الرأي ولا يجاريه ويجامله... يشعر بالبهجة والسرور ممن يبدي إعجابه بوضع علامة الإعجاب او التعليق المشجع...يمكنه أن يضع انجازاته ونجاحاته في أبهى حلة دون أن يظهر وكأنه يتفاخر او يتباهى ... لعل وسائل التواصل الاجتماعي التي تصدرها هذه الأله جاءت كمنقذ للعديد من الناس..لإخراجهم من الواقع المؤلم الذي لم يتمكنوا من التعامل او التعايش معه ..لتمنحهم ساعات من الخلاص يجلسون فيها رفقة هذه الأله العجيبة الجذابة. لكن لكل شيء آفة...آفة هذه الآلة فقدان التواصل مع النفس والعالم الحقيقي..إنها تلهيك عن إيجاد الحلول والتفكيرالجاد المتواصل..تريحك وتخذر حواسك احياناً وتجنبك المواجهة والخوف من التعامل المباشر احياناً اخرى ولكنها في المقابل توفر عليك المجهود البدني والتنقل والبحث المضني مما يسهل عليك عملك وحياتك إنها تيسر لك مهام عديدة كانت تستنزف طاقتك وتفكيرك...انها سلاح ذو حدين..اما ان تستخدمها وسيلة للنجاة والعبور إلى النجاح والتألق او وسيلة للفشل والانفصال عن نفسك وتجنب التعامل مع واقعك..ايهما تختار وعيك هو الذي يقرر .

إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة

ما رأيك في الموضوع؟

التعليق والحوار

لا تعليقات حتى الآن
  • Weight loss product
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    الضرة الحديثة

    مدة القراءة: 2 دقائق

    يستيقظ صباحا يمسكها بين يديه ثم يبتسم لها تارة ينظر إليها بإندهاش برهة يضحك لها من قلبه تارة اخرى..ينصت لها بكل حواسه حتى لو كان مبتعداً عنها...ينظر إليها بعينين مليئة بالفضول والإثارة...لا يستطيع الاستغناء عنها الا للحظات..ترافقه في حله وترحاله..أجمل الاوقات يقضيها معها.. عندما تكون بين يديه ينشغل بها عن العالم ..يترك أولاده ويلعب معها..حاولت ان انافسها واثير اهتمامه ..اسير امامه وانا في كامل أناقتي ولكنه لا يلتفت إلي او حتى يلاحظ وجودي ..عندما يكون معها..يصبحان شخصا واحدا..يهيم معها في عالم منفصل وخفي .
    كلمات زوجة تسرد شعورها نحو جهاز الموبايل..ضرتها الحديثة كما تسميها.

    اصبحت اغار منها واود لو تقع بين يدي لأعرف ماذا يخفي داخلها من أسرار وخبايا.. بث في نظره مملة كئيبة بعد إقتنائه لضرتي..واحياناً مثيرة للشفقة..
    تغير العالم بعد إنتشار أجهزة الهاتف الذكية..حشر العالم داخل صندوق صغير..به كل أصدقائك..اسرارك..صورك..ملفاتك...اخبار الدنيا...كل ما يجول بداخلك ..علاقتك بكل شيء داخل هذه الآلة الصغيرة..اذا فقدتها تفقد بضعة منك..اذا اطفئتها تشعر بأنك انعزلت عن العالم وتم نفيك إلى جزيرة نائية....باث صندوق الدنيا بين يديك

    ما هو سر هذه الآلة...والارتباط الشديد بها...لعله الاحساس بالمتعة..ربما هروب من الواقع إلى واقع بديل يستطيع المرء أن يصنعه بنفسه حيث يفتح حساب شخصي ويتواصل فيه بكل حرية..فيرسم شخصية ساحرة جذابة تثير اعجاب المتابعين واستحسانهم ربما تكون مغايرة لشخصيته الواقعية لكن تأثير هذه الشخصية الجديدة يشعره بالرضا والسعادة فيرتبط بها ويحاول اظهار أجمل ما فيها..هو يتلذذ بإظهار هذه اللوحة الجميلة في مخيلته عن نفسه لعلها تطابق الصورة التى يتمنى أن يكون عليها في هذا العالم..انه يستطيع أن يضع أفكاره ومعتقداته وما يجول بعقله دون أن يتعرض للمواجهة او الخوف من ردود الأفعال.. لأن لديه وسائل التحكم في إقصاء من يخالفه الرأي ولا يجاريه ويجامله... يشعر بالبهجة والسرور ممن يبدي إعجابه بوضع علامة الإعجاب او التعليق المشجع...يمكنه أن يضع انجازاته ونجاحاته في أبهى حلة دون أن يظهر وكأنه يتفاخر او يتباهى ... لعل وسائل التواصل الاجتماعي التي تصدرها هذه الأله جاءت كمنقذ للعديد من الناس..لإخراجهم من الواقع المؤلم الذي لم يتمكنوا من التعامل او التعايش معه ..لتمنحهم ساعات من الخلاص يجلسون فيها رفقة هذه الأله العجيبة الجذابة. لكن لكل شيء آفة...آفة هذه الآلة فقدان التواصل مع النفس والعالم الحقيقي..إنها تلهيك عن إيجاد الحلول والتفكيرالجاد المتواصل..تريحك وتخذر حواسك احياناً وتجنبك المواجهة والخوف من التعامل المباشر احياناً اخرى ولكنها في المقابل توفر عليك المجهود البدني والتنقل والبحث المضني مما يسهل عليك عملك وحياتك إنها تيسر لك مهام عديدة كانت تستنزف طاقتك وتفكيرك...انها سلاح ذو حدين..اما ان تستخدمها وسيلة للنجاة والعبور إلى النجاح والتألق او وسيلة للفشل والانفصال عن نفسك وتجنب التعامل مع واقعك..ايهما تختار وعيك هو الذي يقرر .

    إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين