أفكار متسلسلة - ٩

»  أفكار متسلسلة - ٩
مدة القراءة: 3 دقائق

الظهور بالألوان

يجد كثير من الأشخاص المؤهلين للنجاح والكثير من الأشخاص المميزين فعلا، يجدون صعوبة في الظهور بين الناس بالألوان. نحن هنا نتحدث عن الإعلان، أي الإعلان الواضح والصريح عن خدماتهم التي يقدمونها للمجتمع بمقابل مادي. هذا الخجل أو الإنطواء الذي يعانون منه يجعلهم يميلون إلى تقديم خدماتهم بلا مقابل مادي وقد يحاولون مواساة أنفسهم أنه يكفيهم دعاء الناس لهم أو البركة التي يحصلون عليها في المجالات الأخرى من حياتهم. الحرج الذي يعانون منه ليس لأنهم لا يريدون المال ولكن تزعجهم فكرة الإعلان عن خدماتهم من أجل المال فقط.

تعودنا كمجتمعات تحتقر المال على تغليف طلباتنا بغلاف يبعد عنا تهمة العمل من أجل المال فقط وكأنه عيب أو إثم عظيم يجب إجتنابه. وبناء على هذة الفكرة الخاطئة صار الناس لا يعلنون عن خدماتهم بشكل مباشر وصريح وإن فعلوا ففي أضيق الحدود وكأنما لا يريدون أن يلاحظهم أحد. ليس هذا وحسب وإنما هناك من يهاجم من يعلن عن خدماته كتعويض عن عقدة النقص التي يعاني منها، وهناك من يجد في نفسه مقاومة دفينة في الترويج لخدمات الآخرين. يصل الأمر بالبعض إلى حد إحتقار من يعلن عن خدماته بشكل واضح وصريح وهذا تعبير عن الصعوبة التي يعاني منها الشخص في تقبل الإعلان عن نفسه وعن خدماته.

قد تقول أنا لا أملك خدمات لأعلن عنها. نعم قد لا تملك خدمات تصلح للإعلان عنها ولكنك تملك نفسك وشخصيتك التي يجب عليك أن تظهرها في أحسن صورة للناس. آها، إذا هذة هي المشكلة الحقيقية. أنت لا تريد إظهار نفسك للناس، لا تريد أن تصبح شخصية لها حضورها الواضح في محيطها الإجتماعي، وهذا بدوره يجعلك إما منطوي على نفسك وهذا يؤدي إلى إنخفاض طاقتك بشكل طبيعي، وإما شخص يعمل في صمت وإنكار تام للذات. مع ذلك أنت مازلت تريد تقدير الناس لوجودك بينهم وللخدمات التي تؤديها لهم بإستمرار ولكن الكون سيعاملك كما تعامل أنت نفسك. فرغم جهودك وعملك الدؤب يكافؤك الناس بالجحود والنكران وعدم التقدير.

لا يستطيع الناس رؤية أثر من ينكر نفسه وينكر خدماته. هي مسئلة طاقة لا أكثر ولا أقل. لا يقترب الناس منك رغم روعة ما تقدمه لهم لأن طاقتك منخفضة، وهي منخفضة لأنك تحتقر المال الناتج عن تلك الخدمات، وخصوصا تلك التي لها علاقة بحياة الناس مباشرة، كالأعمال الخيرية أو التعليم أو العلاج وتخفيف الألم. هناك من يبث بين الناس أن هذة الأعمال يجب أن تكون بلا مقابل أو يستحقر من يأخذ عليها مقابل. هذة فكرة خاطئة تماما يؤمن بها الناس وهي أحد أسباب عدم تقدمهم في الحياة سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى الإقتصادي.

الطبيعة تعلن عن كل شيء، فهي تزمجر بقوة لتعلن عن غضبها، تبرق وتمطر وترعد وتهز الأرض هزا والكائنات تعلن عن وجودها بأصواتها المختلفة والوانها الزاهية وحركاتها الهزلية أحيانا. النباتات والزروع تعلن عن نفسها بالألوان والروائح ونمو وتساقط الأوراق. الإعلان والظهور بشكل كامل هو الشيء الطبيعي فلا تخفي نفسك أو خدماتك.

من حقك أن تعلن ومن حقك أن تظهر بالألوان ومن حقك أن يعرف الناس خدماتك التي تقدمها لهم حتى وإن كانت أعمالا تطوعية. لأن حتى الأعمال التطوعية قد تكون ناجحة أو فاشلة وهذا يرجع لمدى إعتزازك بها من عدمه. الخدمة التي لا تمنحها القوة ولا تباركها بالرضى التام عنها تضمر ثم تموت. هل مازلت تريد قتل أعمالك وخدماتك؟

  • أفضل منصة تداول
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    أفكار متسلسلة - ٩

    مدة القراءة: 3 دقائق

    الظهور بالألوان

    يجد كثير من الأشخاص المؤهلين للنجاح والكثير من الأشخاص المميزين فعلا، يجدون صعوبة في الظهور بين الناس بالألوان. نحن هنا نتحدث عن الإعلان، أي الإعلان الواضح والصريح عن خدماتهم التي يقدمونها للمجتمع بمقابل مادي. هذا الخجل أو الإنطواء الذي يعانون منه يجعلهم يميلون إلى تقديم خدماتهم بلا مقابل مادي وقد يحاولون مواساة أنفسهم أنه يكفيهم دعاء الناس لهم أو البركة التي يحصلون عليها في المجالات الأخرى من حياتهم. الحرج الذي يعانون منه ليس لأنهم لا يريدون المال ولكن تزعجهم فكرة الإعلان عن خدماتهم من أجل المال فقط.

    تعودنا كمجتمعات تحتقر المال على تغليف طلباتنا بغلاف يبعد عنا تهمة العمل من أجل المال فقط وكأنه عيب أو إثم عظيم يجب إجتنابه. وبناء على هذة الفكرة الخاطئة صار الناس لا يعلنون عن خدماتهم بشكل مباشر وصريح وإن فعلوا ففي أضيق الحدود وكأنما لا يريدون أن يلاحظهم أحد. ليس هذا وحسب وإنما هناك من يهاجم من يعلن عن خدماته كتعويض عن عقدة النقص التي يعاني منها، وهناك من يجد في نفسه مقاومة دفينة في الترويج لخدمات الآخرين. يصل الأمر بالبعض إلى حد إحتقار من يعلن عن خدماته بشكل واضح وصريح وهذا تعبير عن الصعوبة التي يعاني منها الشخص في تقبل الإعلان عن نفسه وعن خدماته.

    قد تقول أنا لا أملك خدمات لأعلن عنها. نعم قد لا تملك خدمات تصلح للإعلان عنها ولكنك تملك نفسك وشخصيتك التي يجب عليك أن تظهرها في أحسن صورة للناس. آها، إذا هذة هي المشكلة الحقيقية. أنت لا تريد إظهار نفسك للناس، لا تريد أن تصبح شخصية لها حضورها الواضح في محيطها الإجتماعي، وهذا بدوره يجعلك إما منطوي على نفسك وهذا يؤدي إلى إنخفاض طاقتك بشكل طبيعي، وإما شخص يعمل في صمت وإنكار تام للذات. مع ذلك أنت مازلت تريد تقدير الناس لوجودك بينهم وللخدمات التي تؤديها لهم بإستمرار ولكن الكون سيعاملك كما تعامل أنت نفسك. فرغم جهودك وعملك الدؤب يكافؤك الناس بالجحود والنكران وعدم التقدير.

    لا يستطيع الناس رؤية أثر من ينكر نفسه وينكر خدماته. هي مسئلة طاقة لا أكثر ولا أقل. لا يقترب الناس منك رغم روعة ما تقدمه لهم لأن طاقتك منخفضة، وهي منخفضة لأنك تحتقر المال الناتج عن تلك الخدمات، وخصوصا تلك التي لها علاقة بحياة الناس مباشرة، كالأعمال الخيرية أو التعليم أو العلاج وتخفيف الألم. هناك من يبث بين الناس أن هذة الأعمال يجب أن تكون بلا مقابل أو يستحقر من يأخذ عليها مقابل. هذة فكرة خاطئة تماما يؤمن بها الناس وهي أحد أسباب عدم تقدمهم في الحياة سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى الإقتصادي.

    الطبيعة تعلن عن كل شيء، فهي تزمجر بقوة لتعلن عن غضبها، تبرق وتمطر وترعد وتهز الأرض هزا والكائنات تعلن عن وجودها بأصواتها المختلفة والوانها الزاهية وحركاتها الهزلية أحيانا. النباتات والزروع تعلن عن نفسها بالألوان والروائح ونمو وتساقط الأوراق. الإعلان والظهور بشكل كامل هو الشيء الطبيعي فلا تخفي نفسك أو خدماتك.

    من حقك أن تعلن ومن حقك أن تظهر بالألوان ومن حقك أن يعرف الناس خدماتك التي تقدمها لهم حتى وإن كانت أعمالا تطوعية. لأن حتى الأعمال التطوعية قد تكون ناجحة أو فاشلة وهذا يرجع لمدى إعتزازك بها من عدمه. الخدمة التي لا تمنحها القوة ولا تباركها بالرضى التام عنها تضمر ثم تموت. هل مازلت تريد قتل أعمالك وخدماتك؟

    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين