في أحد محلات السوبر ماركت، خلف المشرف لوحة علق عليها جملة "الموظف المثالي لهذا الشهر"
توجهت إلى المشرف وسألته عن هذه الفكره التي أثارت فضولي، فشرح لي انه في كل شهر عليه أن يختار أحد الموظفين لهذا الشرف الرفيع، وأوضح لي أنّه ليس بالأمر السهل فأحيانا يختار أحدهم هذا الشهر ويعد الاخر ان يعطيه وسام الموظف المثالي الشهر القادم بسبب تقارب أدائهم، سألته كم عدد الموظفين في فرعكم فأجاب أنهم بالعشرات، لماذا نضع قوانين تجعل منا فقط واحد مثالي وماذا عن الباقون لماذا لا يكون الجميع موظفون مميزون، لماذا علينا أن نختار أحدهم دون الباقين أليس الهدف تشجيع الموظفين على تحسين أدائهم والارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة، إذا أيقن أحدهم انه لن يصل أو يقترب من درجة الموظف المثالي ألن يتقاعس عن عمله؟
في الحقيقة الكل مميزون وسيبقى هنالك دائما حيز لكل واحد أن يكون مميزا
تشير الدراسات التي تركز على حالات الأداء الاستثنائي كالرياضيون الذين يشاركون في الألعاب الأولمبية والمفكرون الذين يبهرون العالم بإبداعاتهم وغيرهم، أن هؤلاء لا يختلفون عن البقية بذكائهم أو قوة عضلاتهم كما يبدوا لنا بل الفرق الحقيقي أنهم اكتشفوا سر الأداء البشري المميز بحيث يمكنهم من القيام بتلك الانجازات الاستثنائية، فهم يعرفون كيف يضعون أنفسهم في حالة معينة تجعلهم قادرين على ذلك الأداء المرتفع، هذه الحالة يطلق عليها العلماء مصطلح "طاقة السريان"، هذه التجربة لا بد مر بها الجميع سواء مرة واحدة في حياته أو ربما يستخدمها دائما لكن دون أن يعي ذلك.
كيف نميز طاقة السريان؟ عند تفعيل طاقة السريان يتوحد الإنسان مع الوجود ويفقد الشعور بالانا الفردية، تتوسع أفاقه وتتضخم حواسه ويشعر بكل ما حوله، يصاحبها يقين مطلق ويزول الشك والتردد، تتضاعف قدراته ولا يشعر بالألم، يشعر بسعادة غامرة وطمأنينة، يفقد الاحساس بالزمن بحيث يمضى الوقت بسرعة أو يتباطأ بشدة، يكون صافي الذهن ويركز تماما على مهمته، يصبح مؤثرا بحيث تفتح له الأبواب ويجد الاخرون صعوبة في رفض طلباته، يصبح أداؤه مرتفعا وقد يصل إلى 500%، من الأمثلة الشهيرة عندما يتعرض أحدهم إلى حادث فيشعر بكل ما يجرى من حوله بدقة متناهية ويشاهد الاحداث كما أنها بالتصوير البطيء.
هل يملك هذه الطاقة البعض فقط أم أنها للجميع؟ تقول الدراسات أن هذه الطاقة متاحة للجميع، فنحن جميعا وجدنا في هذا العالم لنكون مميزون، وقد وجد الباحثون 17 مدخل لتفعيل هذه الطاقة ومن أهمها
- الانغماس التام في المهمة، حيث تشغل هذه المهمة تفكير الشخص ليل نهار ولا يستطيع النوم من كثرة التفكير فيها
- كثرة التعقيدات والصعوبات في المهمة، عندما تزداد التحديات والصعوبات وتتجاوز المهمة حدود القدرات العادية
- إدراك العواقب وربطها بفشل المهمة، عندما تكون عواقب الفشل في المهمة تؤثر على حياة الانسان مثلا
ما هي المراحل التي يمر بها من يفعل طاقة السريان؟ يقول الاشخاص الذين اختبروا طاقة السريان أنهم في البداية يضعون أنفسهم في حالة التأهب ويستشعروا أهمية المهمة والخطر المحدق بهم ويجعلوا من المهمة مسألة حياة أو موت، ثم بعد ذلك ينتقلوا إلى حالة من اليقين بقدرتهم على إنجاز المهمة مما يعطيهم شعور بالطمأنينة ثم تتفعل طاقة السريان وتجعلهم يقوموا بأعمال تبدوا مستحيلة للأخرين، ثم المرحلة الأخيرة هي إدراك مجريات الحدث والخلود للراحة، وعادة بعد إنجاز المهمة يشعرون بسعادة غامرة تجعلهم يرغبون في إعادة التجربة وزيادة التحدي.
جميعنا نملك تلك الطاقة ونستطيع أن نحرر القدرات الخارقة الكامنة في داخلنا عندما نهتم بما نقوم به بحيث يستحوذ على تفكيرنا بشكل كامل ونجعل ما نقوم به مسألة حياة او موت، فالعمل الجاد يؤدي إلى الأداء المتميز وذلك ليس حكرا على أحد، أما المتقاعسون والمرجفون فلا عزاء لهم.